28 Jun
28Jun

"ً نحن نسقط لكي ننهض …ونهزم في المعارك لنحرز نصرا أروع …تماما كما ننام لكي نصحوا أكثر قوة ونشاطا" 

بروانبخ -


عندما أجد نفسي في قلب المعركة أجد نفسي وكأنني صب على راسي ماء مثلج بمعني أحس بالبرودة وأشعر بأعصابي وكأنها غير موجودة واشعر بتعب مفاجئ وشعور بالنعاس واجد أقدامي لا تستطيع أن تحملني وأجد جسدي كله وكأنه مفكك, وأشعر بأن عضلاتي أصابها الضعف والضمور ولا أستطيع التحكم فيها .


ومنهم من يقول : 
أشعر كأنني أحلم وأجد نظري مرتبك وأفكاري مشوشة ولا أستطيع تثبيت نظري على شئ, أو تحديدا أي شئ. وكأنني أرى العالم من خلف زجاج مشبر كله شروخ. ومنهم من يصف شعوره قائلا: 
أجد نفسي في هذا الموقف لا أصدق نفسي أنني في هذا الأمر فطالما شاهدت من بعيد العديد من المشاجرات وأرى شخص يجتمع عليه بضعة شباب ينهلون عليه بالضرب باليد والأرجل والأحزمة فدائما أقول أن هذا الأمر يحدث لغيري لا يحدث لي فأنا بعيد عن المشاكل ولا ابحث عنها فإذا صادفتني مشكله ما ووجدت نفسي في قلب الشجار أنا محوره أشعر وكأنني غير موجود في هذا المكان, ولا أصدق أن هذا يحدث لي.


 ويطغى على سمعي صوت السباب والزحام والصراخ والأفكار المتخبطة والوجوه الغاضبة تعمي عيني وتجعلني غير قادر على ضبط أفكاري وتركيزي. وأشعر بجسدي ينهار تحت قدمي وأعصابي ترتخي مني, وأي دفعة أو التحام من خصمي أجد نفسي مثل ورقة الشجر في الرياح الشديدة لا أستطيع الصمود أمامها أو التصدي لها أو تثبيت جسدي في مكانه وحمايته من الانطلاق للخلف من اثر دفعة خصمي لي ويقول آخر ويقول آخر...وآخر...... والأعجب من ذلك هو تغير الشخص الذي يمارس الفنون القتالية أجده يقول :


تنمحي التكنيكات والتدريبات من ذهني وفي بعض المواقف والأوقات أنسى فعلا أني أمارس فنون الدفاع عن النفس وأشعر وكأن خصمي وحش كبير وعملاق لا تستطيع ضرباتي القضاء عليه, في نفس الوقت الذي اشعر أن ضربة واحده من خصمي تستطيع قتلي فتترجم هذه الانطباعات على ضرباتي التي تصبح مثل التلطيش والتخبيط فلا دقة ولا قوة ولا أساس صحيح فيها فلا استطيع أن اجمع أعصابي واجمع شتاتي لوضع ضربات صحيحة كما تعلمتها. فاشعر وكأني لا اختلف عن من يدافع عن نفسه في الشارع بالقتال العشوائي غير أني أهدرت كثيرا من وقتي ومجهودي في تعلم رياضات الدفاع عن النفس والتي القي العبء عليها في ذلك الوقت وأقول أنها لا تصلح لقتال الشارع ولكنها صممت لأقاتل بها شخص يلعب معي نفس الرياضة على بساط اللعب ومع وجود الحكام والقوانين. أو القي العبء على المدرب وأقول انه ليس بالكفاءة الموجودة في المدربين الأجانب الذين يجعلون اللاعب وحش يحترم في منطقته 
وبين جيرانه كما نرى في أفلام الأكشن الأمريكية والصينية .


إن خوف الإنسان على ذاته وحرصه على عدم إيذاء جسده أمر طبيعي في النفس البشرية, فهي الفطرة التي خلق الإنسان عليها خوفه على ذاته وحبه للبقاء والخوف من الموت أو   الإصابات..الخ..الخ
ومن هنا جاءت كلمة ( غريزة البقاء ) التي بنيت عليها فكرة الألعاب وفنون الدفاع عن النفس فليس عيبا أن تخاف ولكن خطأ أن يسيطر هذا الخوف على مشاعرنا بالشكل الذي يجعلنا لانستطيع أن نسيطر على أنفسنا وأجسادنا فلا نستطيع الدفاع والهجوم والرد على الاعتداء إلى آخر تلك الأمور.


 فالعجيب في الأمر أننا نخاف على أنفسنا من الإيذاء وفي نفس الوقت هذا الخوف هو الذي يعرضنا للخطورة والأضرار لأنه يجعل صاحبه يقف ساكنا يتلقي الضربات حتى وان كان يضرب خصمه وقتها فان ضرباته ليست على طبيعتها ولا بقوتها الفعلية فلا يستطيع أن يردع الخصم وبهذا يتعرض للضرب والإيذاء والخطر بسبب الخوف السلبي الذي يشل الحركة على الرغم من أن لو حرك الشخص جسده وبدء في الضرب بقوة واضعا في رأسه فكرة واحدة ألا وهي تأديب خصمه ومحاولة تلقينه درسا قاسيا في كونه حاول أو تجرأ في الاعتداء عليه وهو الرجل الذي يجب أن تخشى منه الرجال فالخصم قد تجاوز خط حساس من كرامته ألا وهو كيف خطرت في رأسه فكرة أن يحاول مواجهتي أو ضربي !! إن هذا هو الجنون بعينه.


 فيجد نفسه يضرب خصمه بقوة رهيبة بعيدة كل البعد عن الخوف أو الارتباك لان الأمر أصبح محاولة تلقين الخصم درس لا محاولة الدفاع عن النفس التي ترتبط بكوني هدف يمكن لخصمي إصابته وهو يحاول أن يحبط محاولات خصمه المستميتة هذه بالطبع فكره نسبية بعيدة عن طريقة الجيت كون دو التي سأتحدث عنها في حل مشكلة الخوف .


إن الأمر يكمن ليس في العقل بشكل مباشر ولكن في هرمون (الأدرينالين) الذي يسيطر على العقل والجسد على حد سواء.
إن الأدرينالين معروف عنه انه يضاعف من قوة الجسد فيجعل الشخص أقوى من طبيعته وأسرع فهذا الهرمون الذي يفرز من الغدة فوق الكظرية فهو بذلك في نفس الوقت الذي تتجاهل فيه أمر آخر إلا وهو أن هذا الهرمون أيضا يفرز أثناء الخطر فيشعرك بالخوف والارتباك والقلق وعدم ترتيب الأفكار والوشوشة على الأفكار والأحاسيس وارتخاء الأعصاب فهو سلاح ذو حدين فإذا كان الشخص غير معتاد على الشعور بسريان ( الأدرينالين ) في الدم فيصبح هذا الهرمون هو الضربة القاضية له وقت الخطر وهو الخصم الأول فنجد أن الشخص الذي يمشي دائما كما يقال ( في حالة )لا علاقة له بالمشاكل أو غيرها وهو بعيدا عنها ويحاول جاهدا أن لا يقحم انفه فيما لا يعنيه ولا يجلب لنفسه المشاكل والمتاعب هو أول شخص يتحطم عند أول بادرة خطر عن طريق عدوه الأول (الأدرينالين ) ومن هنا نبدأ بإذن الله وبعد تلك المقدمة والشرح التفصيلي نبدأ بإذن الله شرح خطة الحل لتلك المشكلة كما وضعها ( بروس لي )

طريقة بروس لي في حلها

أولا :   كان دائما بروس لي يقول : ( انك إذا لم تتدرب على ملاكمة الظل بشكل دوري فأنت بذلك سوف تهبط بمستواك مهما تتدرب بجد واجتهاد وعلى التمرينات البدنية وعلى التكنيكات) وملاكمة الظل : هذه هي ملاكمة وهمية ذات فكرة بسيطة وهي أن تقف بمفردك في مكان ما وأن تتخيل أن خصمك يقف أمامك وأن كثيراً من الناس مجتمعين يشاهدون. وتتعمق في التخيل لدرجة أن العقل يقوم بخداع الجسد بإعطاء إشارات الشعور بالخطر والتوتر ثم تلعب بكل قوة وبكل إجتهاد وتقاتل خصمك الذي تتخيله بمنتهي الحرص والمهارة وأن تجعله دائماً غير سهل المنال. 


بل دائماً أجعله قوي يضع لك ضربات خطيرة وسريعة تحاول فعلياً بجسدك أن تتفادها وأن تضع معها الهجوم المضاد بمنتهى القوة والسرعة كل هذا على الهواء, فأنت تقاتل خصم وهمي تقوم بتحريك أقدامك على الأرض وتحريك جزعك في المراوغات ويديك في الدفاعات وفي الهجوم والهجوم المضاد وكذلك قدمك ..الخ..الخ


-في بادئ الأمر ستجد الأمر صعب عليك أن تتخيل و أن توهم جسدك بالخطر والغرض من ذلك
بالطبع هو لإفراز الأدرينالين حتى تعتاد على الشعور به وبذلك تأخذ مميزاته وتبعد عن أضراره ولكن لن يأتي هذا في البداية بسهولة. فأنت في البداية لن تستطيع أن تتحكم وتسيطر على عقلك بتلك الدرجة وستجد ملاكمة الظل في البداية ماهي إلا تدريب جسدي جيد يجعلك تضع الأفكار والخطط القتالية في ذهنك وتعتاد أن تطلقها بسرعة أثناء الاحتياج إليها بدون تفكير وان يطيعك جسدك في كل ما تأمره به لتنفيذه لمحاوله تفادي أي وضع هجوم أو هجوم مضاد للخصم, حيث انك دائما تجعل خصمك هذا قوي بدرجه كبيرة ويقوم بالهجوم والدفاع فيجعلك بذلك تحرك كل جسدك بكل ما تعرفه من تعاليم وتكنيكات وهذا بالطبع لن تجده في شريكك في التدريب حيث انه ليس بتلك القوة التي تتخيل بها خصمك الذي ممكن أن تتخيله بروس لي ذاته وأيضا إذا أخطأت مع شريكك في التدريب فهذا يعني الإصابة ولكن طبعا ليس بالضرورة حيث في التدريب يحافظ كلا الشريكين على بعضهما من الإصابة  :


ولكن باستمرار التدريب سوف تستطيع التحكم في عقلك الذي يسيطر على جسدك فإن وكما قال بروس لي : 

( إن عقلك يستطيع دائما أن يفعل بجسدك المعجزات )
وبالطبع يمكنك الاستفادة من تلك الفكرة في كافة تدريباتك السلبية وهي التدريبات التي نقوم بها على الأشياء الصماء مثل الدمية الخشبية وحقيبة اللكم ..الخ
فعند التدريب عليهم تخيل أعدى أعداءك يقف أمامك ثم قم بالهجوم باللكم و الركل على حقيبة اللكم الثقيلة مثلا بمنتهي القوة والسرعة والمهارة والدقة بدون غضب ولكن بانفعال فلقد قال بروس لي في هذا الشأن : ( لا تغضب, فإذا غضبت لن تستطيع أن تضرب خصمك والمقاتل الجيد لا يتصف بالعنف أو بالغضب ولكن يتسم بالانفعالية)


والانفعال هنا المقصود به التجانس الوجداني مع لكماتك وركلاتك فدائما كان يقول: ( إذا لكمت فكن أنت اللكمة وإذا ركلت فكن أنت الركلة فدائما اجعل مشاعرك وأحاسيسك وجسدك في تجانس تام مع ضرباتك)



حاول أن تشعر بلكماتك وركلاتك وحاول أن تضع فيها مشاعرك وأحاسيسك فكان بروس لي يقول (لا تظهر غضبك على وجهك ولكن أظهره في قبضتك ) فان الضربات لا تأتي من العقل إلى الجسد إلى العضلات ثم إلى السلاح, لا فإن في ( الجيت كون دو ) كان بروس لي يقول (دائما اجعل هجماتك تأتي من عقلك ثم تمر على قلبك ثم جسدك وعضلاتك ) والمقصود بالقلب هنا بالطبع هو المشاعر والأحاسيس في الهجمة حيث تكون في تجانس مع لكماتك وركلاتك فان ذلك يتيح لك استنتاج كل ما هو آت بعد الهجمة من ردود فعل فأن عقلي وجسدي وكياني ومشاعري يشتركون معا في وضع لكمة أو ركلة مركزة تجاه الهدف. وكما قال بروس لي ( أنت لا تضرب اللكمة للقضاء على خصمك ولكن للقضاء على ما بداخلك من مخاوف وبثقتك من أن خصمك ليس منيع أو غير قابل للعطب ولكنه قابل للكسر أو الطرح فهو بشر ) حاول دائماً أن تركز أثناء تدريباتك السلبية على هذا الأمر دائما تخيل خصمك في أداة التدريب أمامك واضرب 100% قوة 100% سرعة 100% تركيز


وحاول دائما أن تغوص بقبضتك أو ركلتك داخل الهدف فلقد قال بروس لي ( عندما تضرب حقيبة اللكم لا تضرب سطحها ولكن حاول أن تضرب داخلها ) بهذه الطريقة سوف تتغلب على عقلك ومشاعرك الهدوء والتركيز حيث انك تسيطر على مشاعرك فلا تجد هناك مجال للخوف والذعر .


:ثانيا
لقد قسم بروس لي ( الجيت كون دو ) إلى ثلاث مراحل وهما كالأتي :

( المرحلة الأولى : ولقد سماها ( المرحلة الفطرية
وفيها يكون اللاعب مبتدئ لا يملك قوة في ضرباته أو مرونة أو رشاقة بجسده لا يعرف تكنيكات لا يمتلك لياقة وأنفاسه غير منتظمة وضعيفة لا يهاجم بفن ولا يدافع بشكل مدروس ولكن يتخبط في دفاعاته حيث يغلب على اللاعب في تلك المرحلة فكره ( غريزة البقاء ) أو ( غريزة الدفاع عن النفس للبقاء ) فنجد اللاعب يهاجم بلاوعي من الممكن أن تكون هذه أول حصة تدريبية له ويعرض عليه مدربه أن ينازله على أن يناوشه مناوشه خفيفة وله هو الحرية في ضرباته فنجده يوافق على ذلك ويهاجم بلا شكل أو طريقة صحيحة بل من الممكن أن يضربه مدربه مثلا يلكمه في وجهه وهو لا يعي لها بالا وتكون يد مدربه في وجهه ومع ذلك لا يقوم حتى بأبعادها ولكن يضرب ويخبط بيديه ورجليه غير مراعيا انه بذلك يعرض نفسه وبل أخص وجهه لأصابه كبيرة غير مقصودة بالطبع على العكس اللاعب المتمرس في تلك الحالة سوف يعمل أولا على تفادي اللكمة ثم يقوم بوضع هجوم مضاد ومناسب فتجد تلك المرحلة بان 
المقاتل فيها يكون شجاع يهاجم بالفطرة وبقوة لا يحسب لخصمه حساب ولا يخشى فرق القوة بينهما . 


المرحلة الثانية : ولقد سماها ( المرحلة المتقدمة )
وفيها يكون اللاعب قد تعلم بعض التكنيكات وحصل على بعض السرعة والقوة والرشاقة واللياقة والمهارة, وأصبح يعي ويفهم حدوده جيدا. ويستطيع أن يفهم حدود وطاقات خصمه ويستطيع القتال 
بشكل جيد والدفاع عن النفس بصورة صحيحة ولكنه يفتقر إلى المرحلة الأولى ألا وهي الهجوم الفطري. 

فأصبح لا يهاجم مثل ذي سبق بقوة وبكثرة بل أصبح قليل الهجوم جدا على الرغم من تعلمه طرق وتكنيكات كثيرة للهجوم وتعتبر هذه هي الميزة والعيب. فبسبب ذلك أصبحت كل خطوة عنده لها حساب فهو في المرحلة الأولى كان يهاجم بدون تفكير غير مبالي بأي إصابة أو اقتناص من خصمه فهو في الأصل لا يفهم أو يعرف مثل تلك الأمور أما الآن فهو يعلمها ويستوعبها بشكل جيد ولذلك فهو يعمل حساب لكل هذا يضع في حسابه أسلحة خصمه وقوته الدفاعية وقدرته على المناورة واقتناص الهجمات وانه يمكن لخصمه أن يجعل هجماته في صالحة لا عليه فيمكن أن يصيبه بهجوم مضاد قاتل ولذلك نجد اللعب في تلك المرحلة متردد قليل الهجوم متوتر على الرغم من أن بروس لي قال في هذا الأمر ( إن المقاتل الجيد لا يظهر عليه التوتر ولكن دائما هو مستعد ويظهر عليه التحفز )ونجد مثل هذا التوتر والتردد يظهر بشكل واضح في مباريات ( التايكواندو ) حيث نجد أن كلا اللاعبين ينتظران هجمة بعضهما لبعض وكل منهما متوتر خائف من الهجوم حيث انه يعلم أن خصمه ينتظره لكي يقتنصه بهجوم مضاد فيظهر على لعبهما التوتر حتى إن الحكم في بعض الأوقات يشير إليهما بإعطائهما إنذار إذا لم يقوما بالهجوم والعجيب في الأمر انه في بعض الأوقات نجد اللاعب الذي ينتظر الأخر حتى يقتنصه عندما يهاجم من قبل خصمه بركلة دائرية على سبيل المثال يتقهقر إلى الخلف ولا يضع هجوم مضاد كما هو منتظر أو متوقع وهذا أيضا نوع من أنواع التردد حيث انه يخشى أن لا يصيب خصمه بهجومه المضاد, فتناله قدم خصمه المهاجمة وبسبب سمات تلك المرحلة وضع بروس لي المرحلة الثالثة المرحلة الثالثة : لقد سماها ( المرحلة التلقائية ) أو مرحلة رد الفعل التلقائي

( لانفصال والتجرد)


في هذه المرحلة يعمل بروس لي من خلال تدريبات الإحساس الحركي على ضم المرحلة الأولى بالمرحلة الثانية بمعنى أن يضم الجرأة والشجاعة والهجوم الفطري بالخبرة والذكاء والدراية والمهارة القتالية فيكون الهجوم قوي وسريع و كثير التنوع ولكن في ذات الوقت عملي ودقيق وبه الكثير من الحنكة والمهارة وذلك عن طريق جعل العقل يعطي الإشارة للجسد بالقيام بالحركة المضادة أو الهجمة بدون تفكير. وقد كان بروس لي يقول في هذا الشأن ( ليقم عقلك بالحركة المضادة بدون تفكير تعلم من الانفصال والتجرد 

:فالانفصال هنا يعني 
الابتعاد بنظرك أو بتفكيرك أو بأحاسيسك عن الواقع المحيط بك عند مواجهتك لخصمك ولتجعل تركيزك بالكامل على حركات خصمك لا يشغلك أي شاغلة أخرى عنه لا تلتف إلى أي أمر آخر. لا تجعل الأفكار الجانبية تدخل في تفكيرك وتركيزك وقتها احذف من عقلك كل ما ليس له علاقة بخصمك دائما تتبع حركاته ولفتاته ومتابعة كل إشارة يصدرها كل نفس كل حركة لا يلهيك أي أمر أي كان وان مر بجانبك فرضا ( فيلا ) لا تنظر إليه ولا يشغل تفكيرك.

 فلتحذف من عقلك أي أفكار جانبية تشوش على تركيزك وقراراتك ابعد الهموم عن عقلك ابعد المشاكل إذا كانت هناك مشاكل لا تفكر في أي أمر جانبي وقم بوضع تركيزك بنسبة 100% على خصمك.


-:أما التجرد بمعني 

التجرد عن العقل نهائيا ولا تفكر في ردود فعل مسبقة لحركاتك القادمة, بل انتظر هجماته و لتجعل عقلك يقوم بالحركة المضادة بدون تفكير بالضبط كما يحدث عندما تلامس أصابعك أو يدك لسلك كهربائي مكشوف فانه عند سريان الكهرباء في يدك وجسدك وقتها لا يفكر عقلك في هذا الأمر قائلا ( ما هذا الشئ الذي يحدث لي اهو تخيل أم هي كهرباء ) ثم تنظر العين فتجدها سلك كهرباء فيقوم العقل بإعطاء إشارة لليد بالابتعاد عن السلك لا بالطبع. فإذا حدث مثل هذا الأمر كان هذا الشخص في عداد الموتى بل إن يدك تبتعد بشكل سريع وبدون تفكير فيما يحدث وتبعد يدك بسرعة عن مصدر الكهرباء بشكل تلقائي عفوي وهو ما يسمى ( برد الفعل المنعكس ) حيث تتم الحركة بسرعة غير قابلة للتفكيرحيث أن التفكير مهما كان سريع فانه سيستغرق وقت حتى وان كان جزء من الثانية ثم عناتخاذ القرار وإعطاء الإشارة لليد بالحركة فهذا وقت آخر وهنا يكون الشخص قد مات !! 

وإذا فرضنا هذا الأمر على القتال وجعلنا مثلا الخطر هنا هي لكمة موجهة من الخصم إلى وجهك فان التفكير في رد الفعل لتحديد الدفاع الملائم ثم إعطاء الأوامر للجسد بالتنفيذ يستنفذ وقت تكون فيه اللكمة قد أصابتك وبعدها تفوق من الإغماء تسأل (ماذا حدث؟ أين هو حتى أدمره؟ أكيد انه هرب عند مواجهتي) فأنت لا تعلم انك قد تلقيت لكمة أطاحت بك في عالم آخر.


يجب أن تتجرد عن عقلك نهائيا وتتعلم أن يقوم جسدك بالحركة المضادة ( كحركة رد فعل منعكسة ) بدون تفكير فلا يجب أن تضع خطة مسبقة لهجمة خصمك بمعني ألا يكون دفاعك الذي تخطط له هو أن تضع مع هجمته الدفاع رقم (1) أو (2) أو (3) بل يجب أن يكون دفاعك كصدى الصوت حيث أن هجمة خصمك هي الصوت ودفاعك هو صداها يلاحقها بلا تفكير يتابعها ويتجانس ويتناسب معها قم بالهجوم والدفاع حتى تكون حركاتك في انسجام لا يعوقها التفكير الذي يؤدي إلى التأخير والتردد وهذا بالطبع يأتي عن طريق تدريب معينة صممها بروس لي وهي مستوحاة في الأصل من فكره ألـ ( تشي ساو ) ( اليد العصوية ) في الونج تسن وتسمي مجموعة ( drills training ) والتي تعتمد على وجود حركة معينه تقوم بها أنت وشريكك بشكل معين بحيث ما تقوم به أنت يقوم به شريكك بنفس الكيفية فتقوم أنت بالهجوم وهو بالدفاع ثم بحركة بسيطة متتابعة أي ( بدون توقف )تقلب الوضع فتكون أنت المدافع وهو المهاجم بنفس الهجمة وهذه التمارين كثيرة ومتنوعة تعلمك في النهاية أن تحرك هجماتك ودفاعاتك بدون تفكير ولكن تعتمد في الحركة على الإحساس بين حركة وطاقة خصمك الحركية لأدواته التي شعر بها ويتشكل على أساسها بعد ذلك هجماتك المضادة وهذا سوف يتم شرحه بإذن الله في جزئية تعلم ( التريبينج ).


ومن هنا تصل بتلك المرحلة الأخيرة بنفسك إلى مكان بعيد جدا عن الخوف الذي لا وجود له في تلك المرحلة حيث لا مجال للخوف فالعقل لا يفكر بل يتحرك العقل والجسد بشكل تلقائي لا مجال للتفكير في الخوف فيه حيث أن الابتعاد عن سلك الكهرباء لا يوجد به خوف فان يدك وجسدك يأتي بالحركة أولا وبسرعة بدون تفكير إذا كان هذا الأمر خطر أخاف منه أم هو عادي لا يأخذ في الاعتبار لا تتم الأمور بتلك الطريقة بل أنت تتحرك بسرعة بشكل تلقائي ( رد فعل منعكس ) فأين مكان وجود الخوف في ذلك .


وفي النهاية أحب أن أشير إلي أمرين مهمين يجب أيضا وضعهما في الاعتبار : 


أولا : قال بروس لي ( إن الانتصار على الآلام الداخلية هي قمة النصر)


تعلم دائما أن تتحمل الألم, ولا تجعل الألم يعيق حركة تفكيرك أو قراراتك أو يجعلك الألم تصل إلى مرحله الجبن والخوف .


ثانيا : قال بروس لي ( تعلم فن الموت فان المقاتل الشجاع يموت مرة واحده أما المقاتل الجبان يموت ألف مرة )


والمقصود بفن الموت ليس بالطبع كما يخطر في أذهان القارئ أول الأمر هو الفن القتالي الذي لا مثيل له الذي يعد من الأسرار الدفينة الخطيرة في مجال الفنون القتالية لا بالطبع بل المقصود هنا هو أن تتعلم ألا تخاف من أن تموت وأنت تقاتل بل العكس أنت ترحب بالفكرة ولا تجد لها سبيل آخر. فأنت في قتال إما أن تقتل(بفتح التاء) أو تقتل(بضم التاء) وبذلك فأنت لا تخشى شئ فما اشد قسوة من الموت ( لا شئ ) فلذلك لا يجد الخوف إلى عقلك سبيلا فان الجندي الشجاع إذا قتل في المعركة فأنه يقتل مرة واحدة أما الجندي الجبان يقتل ألف مرة من خوفه ومن أن تصيبه رصاصة أو ضربة أو أي شئ آخر قد يميته فتجده يرتعد ويصرخ ويتوارى ويبكي عندما يسمع صوت طلقه أو فرقعه الخ .. الخ .. فهو يموت ألف مرة من خوفه قبل أن يقتل في النهاية


وبالطبع هذه الأمور كلها التي ذكرتها أمور فلسفية لا أكثر ولا اقل حيث أن الأمر ابسط من ذلك فلا وجود لرصاص ولا فرقعة الخ... فيما نتحدث أو نتعلم ولكن الأمر فلسفة الغرض منها توضيح الفكرة والمعنى.


 "من كتاب "حلول لمشكلة الخوف من القتال
تأليف: قهواجي محمد أمين 

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
تم عمل هذا الموقع بواسطة