يـحكى أنه كان هناك مجموعة من القنافذ تعاني البرد الشديد
فإقتربت من بعضها وتلاصقت طمعاً في شيء من الدفء ،
لكن أشواكها المدببة آذتها ، فإبتعدت عن بعضها ، فأوجعها البرد القارص
فإحتارت ما بين ألم الشوك والتلاصق ، وعذاب البرد
!ووجدوا في النهاية ، أن الحل الأمثل ، هو التقارب المدروس
بحيث تحقق أقصى قدر ، من الدفء والأمان ، مع أقل قدر من الألم ووخز الأشواك
فإقتربت ، لكنها لم تقترب الاقتراب المؤلم ، وابتعدت لكنها لم تبتعد الابتعاد الذي يحطم أمنها وراحتها
وهكذا يجب أن يفعل السائر في دنيا الناس ، فالناس كالقنافذ يحيط بهم نوع من الشوك غير المنظور ، يصيب كل من ينخرط معهم بغير حساب ، ويتفاعل معهم بغير انضباط
لذا وجب علينا ، تعلم تلك الحكمة من القنافذ الحكيمة ، فنقترب من الآخرين اقتراب من يطلب الدفء ويعطيه ونكون في نفس الوقت منتبهين إلى عدم الاقتراب الشديد
حتى لا ينغرس شوكهم فينا
نعم الواحد منا بحاجة إلى أصدقاء حميمين ، يسعد بقربهم ويفرغ في آذانهم همومه حينا ، وطموحاته وأحلامه حينا آخر ، لا بأس في أن يكون لك صفوة من الأصدقاء المقربين
لكن بشكل عام ، ولكي نعيش في سعادة ، يجب أن نحذر الاقتراب الشديد والانخراط غير المدروس مع الآخرين ، فهذا قد يعود علينا بآلام وهموم نحن في غنى عنها
احذر يا صديقي أن تكون بوابة القلب بلا مفتاح ، يدخلها من شاء دون أن يؤدّي طقوس الصداقة ، ويوقّع على شروطها
عِش في الدنيا وبينك وبين سكانها مساحة ثابتة تتيح لك أمان غَدَراتهم ، وسوء تدبيرهم
وتذكّر دائماً أن الناس قنافذ
فاقترب ولا تقترب, وابتعد دون أن تبتعد