أ.د. طارق الحبيب
المواقف المؤلمة والأحداث المزعجة والأزمات هي المساحات التي تستنطق قدرات الأشخاص وإمكاناتهم، وهي التي تكشف مواطن القوة عند شخص وتعري نقاط ضعف عند شخص آخر.
عندما ينفعل البعض انفعالا سلبيا فالبعض يبرر ذلك بمواقف الخذلان التي تعرض لها ومواقف الإحباط التي هددت أهدافه وطموحه.
وعندما يكون الإنسان متزنا في ردود أفعاله وحكيما في إدارة ذاته فيبرر البعض ذلك بقوة شخصيته وسلامة إدراكه ونضجه العقلي والمعرفي.
إذًا المواقف تستخرج بواطن الشخص هذا بالمفهوم العام، ولكن الحقيقة أن المواقف ماهي إلا محفزات لاختبار الشخص وتحديد ماهيته الشخصية على المستوى الفكري والانفعالي.
وفي الحياة المواقف الصعبة قد تقود الشخص إلى ممارسة سلوكيات ربما تخالف الصحيح والمقبول نظرا لضعف عتبة تحمله، وربما نرى عند البعض ردود أفعال لا تتناسب أبدًا مع معطيات الموقف مما يدفعه لخوض تجارب محبطة جديدة دون أن يعي الخبرة التي ربما قد يعجز عن اكتسابها خارج مواقف تتعارض مع أهدافه وأمنياته وتوقعاته.
ومهما اختلفت التفسيرات فإن الإنسان مسؤول عما يمارسه، فالإنسان في الحياة لَيْس مجرد متلق بل هو كائن مؤثر ويضفي على الحياة معاني ومفاهيم خاصة من خلال ما يقوم به وما يقوله تجاه الأحداث المختلفة.
وفي المجال النفسي فإن سمات الشخصية تحدد ردود أفعال الشخص، لذلك نجد أن الشخصية القلقة مثلا تخفق في تفسير المواقف تفسيرا موضوعيا، بينما تميل الشخصية الحدية إلى تفسير المواقف تفسيرا تعسفيا جامدا متطرفا يتلاءم مع طبيعتها الصعبة.
أما الشخصية الحساسة فهي بارعة في شخصنة الأحداث والنظر لنفسها على أنها شخصية مستهدفة من الآخرين ويحاولون دائما استنقاصها وتعمد تجريحها والعمل على تحجيم دورها في الحياة..
فالشخصية الحساسة شخصية قلقة إزاء نفسها وهي منتبهة جدا لما يفعله الآخرون، وهي لا تثق بمن حولها وتظن دائما أنهم لا يحترمون أفعالها ولا يمجدون تضحياتها.
إن قدرة الفرد على تصحيح نظرته لمشاكل الحياة وإدراكها كمحطات لإعادة التفكير وإنتاج البدائل الإيجابية لمواقف الفشل يعزز قدرته على المواجهة والتغيير وحسن التصرف.
الشخص الحساس يضخم الأمور ويعطيها أكبر من حجمها ولذا لا يستطيع أن يحلل المشكلة التي يعتقد وجودها ويندفع خلفها بتوتر وخيفة، ولا يتمكن من صياغة المشكلة صياغة جديدة موضوعية داخل حدود المنطق، مما يجعله لا يعي قدراته المغيبة تحت سيطرة الشخصنة والقلق وسوء الظن.
إن إحساس الشخص أنه غير مرغوب به من سمات الشخصية الحساسة، وهو افتراض وهمي يعتقده الفرد ويؤمن به.
ويعتبر سرعة البكاء من سمات الشخصية الحساسة وقد يكون عبارة عن خبرات مؤلمة غير معالجة.
والشخصية الحساسة يمكن توجيهها حين ثبات مزاجها واستثمار ما بداخلها من طيبة لتعديل سلوكها واتجاهها.
ويمكنها معالجة نفسها من خلال:
* التجرد من الذاتية في تفسير المواقف.
* الاسترخاء لمعالجة القلق.
* إعطاء تفسيرات إيجابية للمواقف والآخرين.
* معالجة مشاعر النقص.
* عدم التسرع في ردود الأفعال.
* البعد عن الحزن على الذات وتجنب معايشة دور الضحية.